مع استمرار التهديدات الإسرائيلية المتكررة تجاه لبنان وسوريا وغزة بشن حرب جديدة عليهم، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين بأن إسرائيل يمكن أن تخوض حربا مفاجئة وفق المعطيات الحالية، تشهد الجبهة الداخلية الإسرائيلية جملة من المناورات التي تشتد ذروتها الاثنين خصوصاً في وسط تل أبيب، لفحص مدى جاهزيتها لحرب شاملة تشمل تعرض إسرائيل لهجوم صاروخي من جبهات عدة، وسط ترجيحات أن تحمل صواريخ غير تقليدية، ما يؤكد حالة الضعف التي تشهدها، خصوصاً وأنها ركزت في مناوراتها على سيناريو سقوط صواريخ متنوعة وغير تقليدية بأعداد كبيرة في محيط تل أبيب التي تعتبر المنطقة الأكثر حساسية بالنسبة لها، في وقت أكدت فيه إسرائيل أنها لن تسمح بوصول أسلحة غير تقليدية من سوريا إلى "حزب الله" أو الجماعات الأخرى كي لا تشكل خطراً عليها، ويمكن أن تحقق ضربات هذه الصواريخ نجاحات في العمق الإسرائيلي.
وبدأت الأحد في إسرائيل مناورات أطلق عليها اسم "نقطة تحول 7" وذلك في سياق "أسبوع الطوارئ القومي" الذي يستمر حتى يوم الخميس المقبل، ويشمل سبعة مناورات عسكرية تحت اسم "جبهة داخلية متينة"، تستهدف مختلف المدن الفلسطينية المحتلة كالناصرة وتل الربيع وصفد وغيرها، وتشارك فيها العديد من الوزارات ومنظمات الدفاع المدني والمدارس والهيئات العامة والمجالس المحلية وغيرها.
وتجرى هذه التدريبات للسنة السابعة على التوالي، إذ بدأت عام 2007 لاستخلاص العبر من الحرب الأخيرة على لبنان عام 2006، وكانت تحمل في الماضي عنوان "نقطة تحول 6".
الجبهة الداخلية جزء من المعركة
وفي هذا السياق، يؤكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أكرم عطالله أنّ التدريبات العسكرية التي تجريها إسرائيل تأتي بعدما أدركت تماماً خصوصاً بعد عدوانها على لبنان عام 2006، أن جبهتها الداخلية أصبحت جزءا من المعركة، فضلاً عن اخفاقاتها في العدوان على لبنان وما لحق بجبهتها الداخلية، جعلتها تنتبه إلى أنها بحاجة لإجراء مثل هذه المناورات.
وفي حديث لـ"النشرة"، يشير عطالله إلى أن الكثير من المسؤولين الإسرائيليين تحدثوا كثيراً عن حالة الضعف التي تعيشها الجبهة الداخلية الإسرائيلية، من بينهم ميتان فلنائي وزير الجبهة الداخلية الإسرائيلية عندما قال: "لم يبق وادٍ في إسرائيل إلا وتصله الصواريخ".
ويوضح عطالله أن الجبهة الداخلية الاسرائيلية اصبحت جزءا من حروب اسرائيل، مشيراً إلى أنها تمرينات دائمة سنوية ودورية، إذ إنّ إسرائيل تسعى لأن تكون الجبهة الداخلية مؤهلة لخوض الحرب في أي لحظة الى جانب القوات الإسرائيلية.
ويلفت الخبير في الشؤون الإسرائيلية إلى أن منسوب الحرب منخفض في الوقت الحالي قياساً بالشهر الماضي، إذ يتضح أن الضربة الاسرائيلية الأخيرة على سوريا، أظهرت الأضواء الحمر لدى كل الدول الكبرى باعتبار أن المنطقة اذا تركت يمكن أن تذهب إلى حريق كبير لا يمكن وقفه.
ويشدد عطالله على أنّ "التدخل الروسي مع التنسيق الأميركي خفض منسوب الحرب، وهذا لا يعني أن اسرائيل ستكف وتلتزم بما تقره الدول العظمى، هي تريد أن تدفع كل العالم للهجوم على ايران وسوريا وحزب الله، ولكن يبدو أن العالم أكثر حرصاً من الذهاب نحو المغامرات الاسرائيلية".
يشار إلى أن التدريبات كان يفترض أن تجرى قبل ثلاثة أسابيع، لكن تم تأجيلها في أعقاب الهجمات التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي على مواقع في سوريا، وارتأت إسرائيل التأجيل لتفادي بث رسالة بأنها تستعد لحرب.
جبهة عربية وإسلامية ضعيفة
في المقابل، يرى القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" خالد البطش أن الاستعدادات والتدريبات الإسرائيلية المستمرة داخل إسرائيل، يقابلها جبهة عربية إسلامية متفككة وضعيفة، لافتاً إلى أن إسرائيل تسعى من خلال هذه التدريبات والمحاولات إلى استعادة قوة الردع والهيبة التي فقدتها خلال حرب تموز 2006 على لبنان، والحرب الأخيرة على قطاع غزة.
ويلفت البطش في حديث لـ"النشرة" إلى أن إسرائيل يمكن أن تقدم في هذه المرحلة على شن عدوان كبير يستهدف غزة، وربما لبنان ويمتد إلى إيران وسوريا، لكنه يؤكد على ضرورة مواجهة إسرائيل والدعم الأميركي لها، من خلال ساحة عربية إسلامية موحدة في الموقف والقرار.
ويضيف البطش: "اسرائيل تريد أن تفرض واقعا على الأمة العربية، وهي مستفيدة من حالة التفكك والشرذمة باتجاه تحقيق أهدافها المرجوة والمطلوبة وفي مقدمتها تفكيك الجيوش، وأبرزها منع إيران من أن تكون دولة قوية، ومصادرة الحق الفلسطيني".